تجربة بجد.. طشقند.. عملة خرافية وسلاطين للشاي ووضوء مشترك للرجال والنساء

طشقند.. عملة خرافية وسلاطين للشاي ووضوء مشترك للرجال والنساء

أوزبكستان قد تتشابه الأسماء، حيث لا يفرق أغلب العرب بين مجموعة الدول التي ينتهي أغلبها بكلمة (ستان)، ولكن الحقيقة أن لأوزبكستان مكانة خاصة في التاريخ جعلتني دائمًا أفكر في زيارتها، فهي جزء من طريق الحرير الشهير.. كما أنها تحتوي على مدن ذات أهمية تاريخية كبيرة مثل طشقند وبخارى وسمرقند، لذا في أول فرصة سانحة قررت أن تكون الانطلاقة الجديدة إلى أوزبكستان.. وتحديدا طشقند، فهيا بنا سويًا في رحلة جديدة إلى الجزء جديد من العالم المتسع.

فيزا أوزبكستان سهلة لكن حذار من الغرامة

هناك نوعين من الفيزا في السفارة الأوزباكية، ولكن الأهم بالنسبة لنا هي فيزا السياحة، والتي أخذتها فقط لفترة الرحلة المقررة، أهم خطوة لتقديم للحصول على الفيزا هي أن يكون لديك حجز مؤكد، ويجب التأكيد على كونه مؤكد، سواء لرحلة الطيران، أو لفندق الإقامة.

ليست مشكلة أوزبكستان عامة هي الحصول على الفيزا، ولكن عليك الاهتمام بشدة، بالحفاظ على ورق التسجيل في مكان إقامتك لأنك مطالب بتقديمها عند مغادرتك البلاد، والويل كل الويل لو ضاعت أو فقدتها أو نسيت الحصول عليها، وقتها ستدفع غرامة معتبرة تنعش ذاكرتك.

لذا صديقي المسافر خليك "ناصح زيي" ولا تنسى أن تحصل على ورقة التسجيل في كل مكان إقامة ستدخله في أي مدينة أوزباكيه، توفيرا لوقتك وأموالك.

سجل دولاراتك و"موبيلاتك" مسبقًا.. الجديد منها فقط

قبل هبوط الطائرة تم إعطائنا ورقتين تسجيل، وهو أمر معتاد في دول كثيرة ولكن الجديد هنا هو أن عليك أن تسجل كمية الدولارات التي تحملها معك، وكذلك أي أجهزة محمول جديدة تحملها معك، ولكن الأجهزة المستخدمة من قبل لا يتم تسجيلها بطبيعة الحال.

مطار طشقند "أوضه وصالة" وشوية "فكه"

عندما تهبط لمطار طشقند لا تصدم، فعندما تلفت حولي خيل لي أنني هبط في شقة صغيرة مكونة من "أوضه وصالة" لا أكثر وعلى الرغم من صدمتك في المطار، ولكن صدقني صغر حجمه يجعلك غير قابل "للتوهان" هناك، كما أن الإجراءات تتم بسرعة وبلا مشاكل، ولكن إذا كنت تحمل حقائب ثقيلة وستحتاج لعربة حقائب عليك الاستعداد بعدد من الكوينات "الفكة" لأن العربات لا تعمل هناك إلا بها، وللأسف كما ستكتشف بعد ذلك فإن "الفكة" لا قيمه لها مطلقا هناك، لذا توجه إلى مكنة "الفكة" ضع اصغر وحدة عملة معك للحصول على الكوينات، استخدم العربة واحتفظ بالباقي تذكار لا قيمة له.

فصال فصال فصال وكمان بالروسي

خرجنا من المطار، فكان الخطوة المنطقية التالية هي أن نذهب للفندق وبالتأكيد للذهاب إلى الفندق عليك أن تركب مواصلة، والمواصلة الأكثر شعبية هي التاكسي، حيث تنتشر العربات ماركة شيفورلية في كل مكان مستعدة لتنقذك بسعر جيد ولكن المهم هو أن تجيد "الفصال".

نعم كما في مصر وربما بشكل أكبر، سيارات الأجرة لا تسير وفق العداد، بل عليك الاتفاق مع السائق قبل الركوب والفصال في المبلغ الذي يطلبه لأقصى حد لتصل لمبلغ منطقي، المشكلة الوحيدة أن عليك إجراء هذا الفصال بالروسي، أو الأوزباكي، وبما أنني لا أتقن الروسية ولا يوجد أحدنا يتقنها فقد كانت مأساة في البداية ورعب عندما تكتشف أن الدولة الشيوعية السابقة بتأكيد لا يتقن سكانها الإنجليزية، لا عن تكبر وشوفينيه كما حدث في برلين، ولكن عن عدم معرفة باللغة كما كان في المغرب، لذا فلو لم تكن تعرف الروسية أو الأوزباكية، أو على أقل تقدير اللغة الفارسية القديمة "الدرية" فإنك ستعتمد على لغة الإشارة، المطمئن بعد ذلك هو أن الشعب الأوزباكي ودود للغاية وسيتحمل النقاش معك بالإشارة حتى تتفاهموا تماما.

لذا فعندما تفاصل مع سائق التاكس اخرج موبايلك معك واكتب له المبلغ الذي تريد دفعه إذا وافق سيهز رأسه أي نعم إذا رفض زد المبلغ قليلا حتى تتفقوا، واعتبر أثناء الشراء أن طريقة كتابة السعر على الموبايل هي المعتمدة هنا.

العملة "خيال" البيبسي بـ4500 سوم.. وخليك في السوق السودا

لو كنت مصري تندب حالك وما وصل له سعر الدولار وانخفاض الجنية أمامه فإن سفرك لأوزباكستان سيملئك حبورا، وستشعر بأنك لم تصل للقاع بعد، فعملة البلد هي السوم وهي ما يوازي الجنيه لدينا، ولكن الدولار الواحد يساوي رسميًا 3000 سوم، بمعنى أن الجنيه المصري الحبيب يمكنك ببساطة فكه بـ350 سوم، هذا بالطبع لو وجدت من يعرف الجنيه هناك وهو أمر مستحيل.

الخدعة الأهم هي أن الفرق بين السوق السوداء والسعر الرسمي فرق جبار، لذا فعليك بالسوق السوداء لا تتنازل عنها مطلقًا، عندما وصلنا للفندق وسألنا عن سعر العملة أخبرونا أن الدولار = 3000 سوم، أي أن تغيير 100 دولار = 300.000 سوم، ولكن العامل الذي يحمل الحقائب أسر لنا بأن السعر في السوق السوداء سيكون الدولار = 6000 سوم وأكثر، حيث يمكن تبديل الـ100دولار بمبلغ يصل إلى 640.000 سوم تقريبًا بمعنى أن الفندق والبنك سينصبون علينا في 50% من المبلغ، وهكذا توجهنا لمنطقة البازارات وهي الأضمن، لنبدل الدولارات هناك بأزيد من ضعف ثمنها الرسمي.

أحذر من النصب وخليك "شاطر"

متوسط دخل المواطن الأوزباكي المتوسط لا يزيد عن 200 دولار شهريًا، لذا فستجد كما قلنا أن الفصال أسلوب حياة، سيحاول الكثيرون "النصب" عليك برفع الأسعار وعليك أن تكون على معرفة تقريبية بسعر الأشياء المنطقي قبل الذهاب، لتستطيع الفصال مع سائقي التاكسي والبائعين بدون أن تدفع أكثر من المطلوب.

لبن العصفور أسهل من إيجاد ATM

لا تتوافر ماكينات سحب العملة الـATM في المدينة بالبساطة المعتادة في بلادنا العربية أو أي دولة أجنبية أخرى زرتها، فبعيدًا عن البنوك تتوافر الماكينات في ثلاث أماكن فقط منهم فندق جراند مير، والماكينات نوعين واحدة لكروت الماستر والأخرى للفيزا، ماكينات الماستر تقريبا منعدمة حتى في البنوك، ولكنك ستجد واحده نادرة في الفندق السابق، بينما باقي الماكينات المتوفرة في المدينة من نوع الفيزا، والماكينات تسحب دولار فقط، وأقل مبلغ للسحب هو 100 دولار، بينما الحد الأقصى هو 4000 دولار في اليوم.

أسافر أمتى علشان ماتجمدش؟

الوقت الأنسب للسفر لأوزباكستان هو نصف شهر مايو، أو أواخر شهر اغسطس، ولكن بعد هذه التوقيتات ستعاني من الحرارة المنخفضة التي قد تصل إلى -20 و -30 ببساطة، مما يهدد بتحولك إلى تمثال من الثلج.

الشاي يشرب في "السلطانية" وإجباري

لو كنت من كارهي الشاي مثلي، لن تسعد كثيرا بهذا التقليد، فالشاي الأوزباكي تقريبا إجباري على أي طلب طعام تطلبه، فبمجرد طلب أي شيء ستجد قبل وصول الطلب، براد الشاي الأزرق والسلطانية قد هبطوا فورا أمامك، حيث يشرب الشاي هناك في سلطانية وليس في أكواب أو فناجين، ويشرب بدون سكر كذلك.

وعلى العكس وكما هو واضح في الصورة العيش الأوزباكي شهي، ويكفي أن تراه لتشعر بالجوع والرغبة في أكله على الفور.

شوارع نظيفة ومرور سليم يتجاهل الإشارة الخضراء

عندما تسير في الشوارع ستشعر أنها نظفت من توها، بل في كل بيت أو محل ستجد "المقشة" الأرز التقليدية لتنظيف أمام المبنى بشكل دوري، وكذلك نظام المرور محترم وسليم، فقط احذر عند السير، فالسيارات لا تعترف بكون إشارة المرور ثلاث ألوان احمر واصفر واخضر، لذا تقوم بالحركة في الإشارة الصفراء متجاهلة تمامًا الانتظار حتى تضيء الإشارة باللون الأخضر.

السلطة "حكاية" والخضار "يفتح النفس"

من أجمل الأشياء هناك الخضار، هل رأيت سوق الخضروات المصري، أنساه تماما، فالخضار هناك طبيعي "أورجانيك" تماما، وشكله فوق عربات الأسواق "يفتح النفس" من النظافة واللمعان، كل شيء في الأسواق العادية للمواطن البسيط جدا رائعة الأسماك واللحوم، ستجد الأسواق آية في النظام والنظافة، والخضروات رخيصة للغاية خاصة الطماطم.

أما طبق السلطة الشبيه بالسلطة المصري، فهو من اطعم ما ستتذوق حيث نكهة الخضار الصحي تعطيه حلاوة حقيقية، نصيحة لا تفوت طبق السلطة أبدا.

طشقند لاند عفوا الحديقة مغلقة شتاءا

حديقة طشقند لاند المفترض أنها الصورة المصغرة من ديزني لاند، وهي تحتوي على 3 حدائق سويًا و9 حمامات سباحة، ولكن المزارات وحمامات السباحة في الحديقة تغلق في الشتاء (والذي يعتبر شهر أغسطس منه في طشقند) وتفتح فقط في شهور الصيف، ولكن الحديقة نفسها والتلفريك هناك يمكن ركوبة طوال العام.

المنظر من أعلى رائع حقًا حيث يمكنك مشاهدة برج التلفزيون القريب والذي يعتبر أعلى بناء في المدينة، وكذلك تشاهد التصميم المميز للحديقة، المشكلة الوحيدة هي أن التلفريك لا يتوقف مطلقًا، وعليك أن تعدو قليلا لتستطيع الصعود إليه أو الهبوط منه، لذا لو قررت زيارة طشقند فيجب أن تتمتع بلياقة بدنية حقيقة.

حديقة حيوانات طشقند.. حيوانات أليفة بجد

وصلنا إلى حديقة حيوان طشقند، ولقد تعودنا على الحيوانات الهزيلة المريضة، ولكن هناك ستجد الحيوانات نشيطة ونظيفة ومشرقة ستشعر بأنها على طبيعتها رغم كونها حبيسة الأقفاص، وذات حجم كبير للغاية مع مساحات خضراء رائعة، لو كان معك أطفال فرحلة حديقة الحيوان هناك لا يجب أن تفوت، ولا تنسى أن تلتقط لهم صورا مع الحيونات الأليفة.

متحف أمير تيمور.. للكاميرا مبلغ أخر

يدعى أيضًا بمتحف التيموريين، حيث يذخر المتحف بتاريخ عائلة تيمورلينك، أكثر ما سيشد اتبهاك وأنت تقترب القبة الزرقاء والطراز المعماري له، ولكن قبل أن تدخل عليك الانتباه إلى أن استخدام الكاميرا هناك له مبلغ إضافي، فسعر تذكرة المتحف 6000 سوم، ولكن لو حاولت استخدام الكاميرا في الداخل سيطلب منك العاملون شراء كارت كاميرا مما سيضطرك للعودة للبوابة للشراء.. لذا منذ البداية ادفع 10000 سوم واحصل على كارت التصوير.

المتحف يحوي على الكثير من البورتريهات للتيموريين وللحكام والسلاطين من العائلات المختلفة كعائلة ميرزو أو "مرزوق" بل ستجد شجرة عائلة تيمورلينك كذلك في المتحف.

المسجد الصغير.. وضوء الرجال والسيدات سويا

المسجد الصغير في طشقند، من أجمل المساجد التي ستراها حيث القباب الزرقاء والرخام الأبيض، وكذلك المساحات الخضراء حوله، ورغم أن المسجد قد افتتح ليلة العيد عام 2014 إلا أنه اصبح من اكثر المساجد المفضلة للسكان هناك.

الغريب في المسجد أن دورات مياه الوضوء "الميضه" مشتركة بين الرجال والنساء، فما أن تدخل حتى تتوضأ ستفاجئ أن الرجال والسيدات يتشاركون في مساحة واحدة للوضوء، وعندما حاولت السؤال عن السبب لم تسمح لغة الإشارة بمعرفة الأسباب للأسف.

مواطن أوزباكي؟.. برضه أنسى محتاج جواز سفر

من أعجب ما اكتشفته في أوزباكستان هو حاجة المواطنين لجواز سفر للتنقل عبر المدن المختلفة، حيث وقفت وأنا احمل جواز سفري الأخضر، وانظر حولي لأجد كل من في المحطة يحمل جواز سفر، للوهلة الأولى تخيلت أن كل هؤلاء سياح ثم بدأت الحقيقة تتكشف، فالمواطن العادي يحتاج لباسبور كي ينتقل من طشقند لبخارى أو من سمرقند لخوارزم وهكذا، وتخيلت أن احتاج استخراج جواز سفر لأنتقل من القاهرة للإسكندرية مثلا، وتعجبت في صمت ولم أعلق على الأمر.

10 ساعات في رحلة القطار لبخارى

قطار نظيف وسريع، وكما هي أغلب قطارات الصعيد في مصر فإن القطار مجهز بكبائن للنوم نظرًا لطول المسافة حيث تستغرق الرحلة من طشقند إلى بخارى والتي ستكون محطتنا التالية 10 ساعات كاملة، وقد ركبت القطار في الساعة 10 مساءًا لنصل إلى بخارى في الساعة 8 صباحًا.

الكابينة مجهزة بفراشان وقد تسلمت وسادة ومفرش لسرير، وداخل الكابينة أماكن لشحن الهاتف كذلك، حيث يمر القطار على مناظر طبيعية بديعة طوال الرحلة.

وهكذا انتهت رحلة طشقند وكنت على ميعاد مع مدينة بخارى الشهيرة التي خرج منها يومًا واحد من أشهر الأئمة وهو الإمام البخاري.. فانتظرونا مع تفاصيل جديدة ومثيرة في بخارى.

لحجز أفضل فنادق طشقند

لمشاهدة موضوعات شيقة أخرى

تجربة بجد.. سمرقند.. مرقد البخاري ومسجد الزوجة المدللة وابن عم النبي الذي حمل رأسه