مساجد تحولت إلي كنائس
أثارت نية تركيا تحويل متحف وكنيسة آيا صوفيا إلى مسجد الكثير من ردود الفعل العربية والإسلامية والغربية أيضا، فقد تم بناء آيا صوفيا في عهد الامبراطور جستنيان الأول في اسطنبول عام 537 م ويقال أنها غيّرت شكل البناء منذ ذلك الوقت وكانت تحتل مكانة كبيرة في العالم المسيحي.
وبعد أن سقطت القسطنطينية في يد الدولة العثمانية عام 1453 تم تحويل آيا صوفيا إلى مسجد وذلك حتى عام 1935 حيث تحولت إلى متحف تاريخي يضم الكثير من الآثار المبهرة التي تدل على عظمة التاريخ الروماني والعثماني وكان هذا المتحف بمثابة حلّ وسط، إلى أن جاء قرار الرئيس التركي بتحويله من جديد إلى مسجد رغم أنه في الأصل كنيسة.
ولن نتطرق هنا إلى الخلافات السياسية والتي كانت من أسباب الهجوم على هذا القرار، إلا أن الكثير من رجال الدين أكدوا احترام الإسلام للشعائر الدينية المختلفة وعدم وجود حالات كثيرة تحولت فيها أي كنائس أو معابد إلى مساجد.
ولكن من جهة أخرى سنجد أن الكثير من المساجد التي بُنيت في أوروبا سواء في عهد الدولة الإسلامية في الأندلس أو خلال سيطرة العثمانيين على شرق أوروبا تم تحويلها إلى كنائس، وهذا بالطبع ليس مبررًا لتعدي المسلم على حُرمة الكنائس والمعابد لأن ببساطة ديننا الحنيف يأمرنا باحترام الأديان الأخرى وحتى غير السماوية، ولكننا سنتعرف الآن على أشهر مساجد تحولت لكنائس لنتعرف إلى تاريخنا ونقاط القوة والعظمة فيه.
مسجد قصر الحمراء الذي تحوَّل إلى كنيسة سانتا ماريّا
يعتبر قصر الحمراء في جنوب إسبانيا أو ما كان يعرف بالأندلس قديمًا من أهم المعالم الأثرية في إسبانيا وواحدا من ضمن مواقع التراث العالمي، وهو يضم مسجدًا من أجمل المساجد التي تم بناؤها في عهد الدولة الإسلامية في الأندلس.
ومع سقوط عهد الدولة الإسلامية هناك عام 1492 على يد الممالك الأوروبية التي نشأت حديثًا تم هدم الكثير من المساجد ومحاربة الإسلام بشدة، ولكن تم الإبقاء على قصر الحمراء والمسجد الملحق به لتميزه المعماري شديد الأناقة.
واستغرق بناء القصر والجامع أكثر من 150 سنة، ولقد تعرض المسجد الأصلي لبعض الأضرار التي أدت إلى بناء كنيسة سانتا ماريّا فوقها لتقع داخل القصر الذي يحتوي على مجموعة من أجمل الزخارف الهندسية الدقيقة والآيات القرآنية.
مسجد قرطبة الذي تحوَّل إلى كاتدرائية مريم
وهو أيضًا ضمن التراث العالمي لليونسكو منذ عام 1984، واستغرق بناؤه نحو قرنين ونصف تقريبًا، ومن المفارقات أن الموقع الذي بُني عليه المسجد كان معبدًا وثنيًا في الأساس، ومع الفتح العربي للأندلس تم تحويل المعبد إلى مسجد، وبعد قليل تم التوسع الكبير فيه ويناء مسجد جديد تمامًا بدلًا من المعبد.
وللمفارقات الأخرى في هذا الجامع أنه يُعرف في إسبانيا باسم كاتدرائية ميسكيتا Mezquita وهي تعني مسجد باللغة الإسبانية.
وهو يضم الكثير من الأعمدة المزخرفة والأقواس والنقوش التي تجمع بين الطابع الإسلامي والرومي، كما أن مساحته الهائلة وارتفاعه الشاهق والصحن المتسع كل هذا وأكثر جعلوه من أجمل المساجد الإسلامية وحتى الكاتدرائيات المسيحية المعروفة. وتم تحويل مسجد قرطبة إلى كاتدرائية مريم العذراء عام 1236.
مسجد قاسم باشا في كرواتيا الذي تحوَّل إلى كنيسة سانت ميخائيل
وهو من المساجد التي أسسها العثمانيون، ولكن مع انهيار دولتهم في أوروبا وبدء عهد الدولة النمساوية المجرية تم هدم المسجد تمامًا ما عدا أساساته وذلك في عام 1687، وهو يقع في مدينة أوسيك والتي كانت تعتبر ذات أكثرية تركية حتى بعد دخول الدولة النمساوية المجرية في الصورة.
إلا أن جميع المعالم الإسلامية والمساجد والأضرحة تعرضت للتدمير وتم هجر هذا المسجد لفترة طويلة حتى أن المسلمين هناك نسوا وجوده حتى سبعينات القرن العشرين فتم بناء كنيسة سانت ميخائيل فوق أنقاضه.
وليس هذا المسجد الوحيد في كرواتيا الذي بقي القليل منه وتم تحويله إلى كنائس فهناك أيضا 3 مساجد أخرى تم تحويلها إلى كنائس وهي جاكوفا وكليس ودرنيش، وأيضا دير الفرنسيسكان والذي كان يُطلق عليه اسم خان سليمان.
جامع إشبيلية الكبير تحوَّل إلى كنيسة ماريّا
وهي تعتبر أكبر بناء ديني قوطي مشيَّد منذ العصور الوسطى، ولكن في الحقيقة فإن المسجد لم يتم تحويله تماما إلى كاتدرائية، بل هدمت أجزاء كبيرة منه وتم بناء الكاتدرائية عندما أصبحت أشبيلية واحدة من أهم المراكز التجارية بعد استرداد الأوربيين لها.
ولكن الكاتدرائية أعادت استخدام الكثير من الأعمدة التي كانت موجودة في المسجد الأصلي مع زخارف أوربية متنوعة لذا تعتبر مزيجًا مميزا للغاية بين الثقافتين المتحاربتين ورغم ذلك يلتقيان في الكثير من الرموز والآثار والمباني.
مسجد باب المردوم الذي تحوَّل إلى كنيسة ومزار نور المسيح
وهو يعتبر واحدًا من أجمل نماذج الفن الأندلسي على الإطلاق، كما أنه من رموز الفن المدجن والذي نشأ في طليطلة خصيصا أثناء العهد الإسلامي واستمر في الوجود لفترة طويلة.
وتعتبر طليطلة من أولى المدن التي استعادها الأوروبيين من الدولة الأموية وذلك عام 1085 وتم منح المسجد إلى فرسان القديس يوحنا ليتم تحويله كما هو إلى كنيسة خصوصا أنه لم يحتوي على مئذنة شاهقة مثل معظم المساجد الكبرى الأخرى وكان بناؤه أقرب إلى مبنى أثري وليس مسجد، لذا بعد قليل تحوَّل إلى مزار سياحي.