بيت السحيمي مأوى عابري السبيل ومركز الليالي الرمضانية ودرة العمارة العثمانية
بيت السحيمي هو واحد من أهم وأشهر المنازل الأثرية الإسلامية في القاهرة ومصر على الإطلاق، وأطلق عليه المؤرخون لقب "درة العمارة العثمانية" ورغم الكثير من الآثار التركية حول العالم إلا أن للمنزل مكانة خاصة للغاية سواء قديما أو حديثا.
متى تم إنشاء بيت السحيمي؟
تم إنشاء بيت السحيمي على مرحلتين، فهو اصلا منزلين تم ضمهمها إلى بعضهما البعض، الأول ويقع بالناحية القبلية وهو أنشأه عبد الوهاب الطبلاوي شيخ بندر التجار في عام 1648 في حي الجمالية وداخل شارع المعز لدين الله الفاطمي والذي كان أهم شوارع المحروسة في هذا الوقت.
أما المنزل الثاني فيقع في الناحية البحرية وبناه إسماعيل ابن اسماعيل شلبي عام 1797 وكان أيضا شيخ بندر التجار وقتها وقام بضم المنزلين معا.
وسر تسمية البيت باسم السحيمي هو أن آخر من سكنه هو محمد أمين السحيمي شيخ رواق الأتراك في الأزهر الشريف، والذي قرر أن يتخذ المنزل مسكنا له.
2000 متر من الديكورات العثمانية الإسلامية الخلابة
ويمتد بيت السحيمي على مساحة 2000 متر وعندما توفي صاحبه السحيمي تواصلت الحكومة المصرية مع الورثة ليكون متحفا إسلاميا عريقا ومميزا في عام 1931.
ويتميز بيت السحيمي بمجموعة من الديكورات العثمانية المميزة، فبدءا من نظام المنزل المكون من طابقين أولهما هو السلاملك المخصص لاستقبال الرجال الأغراب، والثاني هو الحرملك وكان ممنوعا تماما على الرجال الصعود إلى أعلى.
كما يوجد في المنزل 3 حمامات أحدهما صيفي والآخر شتوي يضم موقد لتسخين المياه وعمل التدليك التقليدي، أما الثالث فهو من الرخام العادي.
وسقف المنزل منقوش بزخارف مبهرة، ويتمتع الوجه القبلي بدقة أكبر مع الكثير من الفخامة إذ أنه يحتوي على حوض ماء مدعم بالرخام المذهب، كما يوجد حوض آخر على هيئة شمعدان.
مركز ديني وثقافي ومأوى لعابري السبيل
لم تأت أهمية المنزل فقط من الزخارف والفخامة والاتساع الهائل في حجمه وكونه مقرا لأشهر الشخصيات في القرنين الـ17 والـ18، ولكن تأتي أهميته الحقيقية من أن الشيخ السحيمي جعل المنزل قبلة الثقافة والمناقشات الدينية والدنيوية، ومقر لأجمل ليالي رمضان ليس للأغاني والرقص ولكن لذكر الله والتشاور بشأن أمور الدين.
كما عُرف المنزل في هذا الوقت بأنه لا يرد عابر سبيل ابدا، فكان مأوى لكل شخص يأتي إلى القاهرة ليجد الزاد والمأوى حتى يرحل إلى بلاده.
تجديد وترميم بيت السحيمي بعد سنوات من الإهمال
تعرض بيت السحيمي إلى الكثير من الإهمال رغم أهميته الثقافية الكبيرة، ولكن منذ عام 2000 خضع إلى تجديد شامل ضمن ما تم في شارع المعز لدين الله الفاطمي مقر المنزل وغيره من مباني أثرية إسلامية عريقة.
والآن المنزل يعتبر مركز ثقافي وديني مهم يُعلم فن الزخارف والنحت على الخشب، كما يستضيف بعض الفنون الشعبية الأخرى مثل خيال الظل والأراجوز.
كما انه قبلة المهتمين بالتاريخ العثماني والفاطمي على حد سواء، والتجول فيه والاستمتاع بالجلوس على الدكة ينقلك إلى قرون قديمة من الهدوء والصفاء النفسي لتشرب من "القلة" وتطل على الشارع من "المشربية" وتعيش أجواء لا يمكن تخيلها.