الكثير من الأساطير تدور حول قصر البارون، فمن أصوات تحريك الأثاث في منتصف الليل، إلى إضاءة الأنوار وإطفائها في الساحة الرئيسية، بالإضافة إلى وفاة شقيقة البارون الغامضة والحجرة الوردية المحرمة.
كل هذا وأكثر جعل قصر البارون واحدا من أساطير الرعب ليس فقط في مصر ولكن في العالم أجمع.. فما هي قصته، وسبب هجره ثم إعادة الحكومة المصرية إحياؤه من جديد.. كل هذا وأكثر سنتعرف عليه الآن.
من هو البارون؟
البارون صاحب القصر هو المهندس والمليونير البلجيكي إدوارد إمبان، والذي حصل رسميا على لقب البارون من ملك فرنسا نظرا لمجهوده في بناء مترو الأنفاق وغيرها من المشاريع العملاقة في فرنسا.
والبارون إمبان من مواليد 1852 وتوفي عام 1929، وقد وقع في غرام بلاد الشرق بعد أن زار الهند، والتي لم تكن البلد الوحيد الذي زاره حيث كان كثير الترحال، فله مشاريع في البرازيل والمكسيك ومختلف دول أوروبا.
ولكن كانت زيارته إلى الهند هي العامل الرئيسي في سقوطه بغرام مصر والقاهرة وقراره ببنا أفخم قصور العالم على الإطلاق.
منزل أسطوري يجمع بين أجمل الحضارات القديمة
بعد أن عاش البارون قليلا في الهند وقع في غرام بلاد الشرق، وقرر البحث عن بلاد الحضارات العريقة، وبالطبع لم يجد أفضل من مصر مهد الحضارة وبلاد الفراعنة والتاريخ، وعاش في القاهرة فترة ليقرر الاستقرار الدائم فيها ووصى بأن يتم دفن رفاته في مصر حتى لو توفي خارجها.
وحتى يستقيم له العيش في مصر قرر بناء مقر سكن دائم، ولكن لأن عقليته اقتصادية وكان محبا للإبداع والفنون وكان يسبق زمانه بمراحل، لم يكن تصوره لمنزله الدائم شيئا عاديا بل كان مختلفا بكل المقاييس.
واختار للعجب مكان في صحراء شرق القاهرة لم تكن فيها أي خدمات أو مواصلات، ولكن تميزت بنقاء جوها وقربها من قناة السويس والتي كان افتتاحها تم منذ سنوات قليلة.
قصر البارون خليط من معابد الهند وأمريكا الجنوبية
وكان تصميم القصر معضلة حقيقية للبارون، فهو يريده فريدا من نوعه، وعثر على ضالته داخل معرض فني في باريس، حيث وجد تصميم مبدع للفنان ألكسندر مارسيل وكان مزيجا مميزا بين العمارة الأوروبية والهندية، وعندها تذكر البارون القرار الذي اتخذه في الهند عندما كان مريضا ونجح الهنود في إنقاذه من الموت.
لذا عرفانا منه بفضل الحضارة الهندية عليه قرر بناء القصر على الطراز الهندي، ولكن لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أضاف إليه اشياء من كل ثقافة أو بلد زارها، ليكون مزيجا بين معبد أنكور وات في كمبوديا وبين معابد أوريسا الهندوسية مع زخرفة اوروبية مبدعة في الوقت نفسه.
ديكورات القصر
استمر بناء قصر البارون 5 سنوات وانتهى تماما في عام 1911، وتم تصميمه بحيث لا تغيب عنه الشمس على الإطلاق طوال فترة وجودها في السماء، فهي تدخل كل الغرف في الوقت ذاته، كما كان الدور العلوي يدور حول نفسه مرة كل ساعة ليتيح للقائمين فيه رؤية بانورامية للمعالم من حوله.
وهو يعتبر صغير الحجم بالنسبة إلى القصور الفخمة فهو مكون من 7 حجرات فقط، ولكنه يعتبر متحف مميز مع الكثير من التماثيل المرمرية المبهرة سواء لأفيال أو راقصات أو فرسان يحملون السيوف، مع الكثير من اللوحات الفنية الاصيلة التي تجعل من زيارته متعة حقيقية لمحبي الفن والغموض.
سر إطلاق اسم بيت الأشباح عليه
بدأت شهرة قصر البارون كبيت للأشباح في حياة إمبان نفسه، حيث تعرضت أخته البارونة هيلانة إلى حادث وسقطت من شرفة حجرتها لتستغيث به ولكنه لم يستطع إنقاذها، ويُقال أنه في لحظة وفاتها توقف الطابق العلوي عن الدوران ولم يدر قط حتى وفاة البارون نفسه.
ولكن ليس هذا فقط سر الرعب المحيط بالقصر، فبعد وفاة البارونة كان الحراس يسمعون صوت شجار بين البارون وشقيقته والتي كانت دُفنت بالفعل، وتقول الحكايات أن إمبان نجح ف يتحضير روح شقيقته ليعتذر لها عن عدم إنقاذها ولكنها لم تتقبل اعتذاره!.
الصرع والحجرة الوردية
كما أن الحجرة الوردية في قبو القصر والتي كان محرما على الجميع دخولها حتى شقيقة البارون نفسها أو ابنتها كانت من أسباب الغموض المحيط بحياة البارون إمبان، خصوصا مع انتقائه مكانا في الصحراء والذي كان يعتبر شيءا غريب الأطوار في هذا الوقت.
كما أن البارون كان يُعاني من الصرع وكان يتعرض كثيرا إلى الإغماء وكان الخدم يخافون من الاقتراب منه إلا بأمر منه لصرامته الشديدة، لذا كان يمكن أن يظل فاقد الوعي لساعات وليس بجواره سوى كلبه، وكان الصرع وقتها من الأمراض التي يعتقد العامة أنها لبس شيطاني.
أفلام مصاصي الدماء وعشاق المغامرة
وبعد وفاة البارون في عام 1929 لم يكن هناك ورثة للقصر فتم هجره، واستمرت حكاوي الخدم في إطلاق الكثير من الأساطير والتي تم تأكيد بعضها من قبل سكان مصر الجديدة.
وبلغت شهرة القصر حدا عالميا إذ تم تصوير الكثير من افلام مصاصي الدماء الأجنبية فيه بالإضافة إلى تحديات الشباب من هواة المغامرة والذين كانوا يصعدون البرج الدوار فيه ويبيتون الليل هناك، بما يعني أن القصر وأساطيره بلغت حدا عالميا.
الأهمية السياحية لقصر البارون
وقد كانت هناك قرارات سابقة من الحكومة المصرية بهدم قصر البارون قوبلت بالاعتراض والاستياء الشديد ليتم تجديده في يناير 2020 بتكلفة 100 مليون جنيه مصري، ليتم وضع تذاكر له ومن يدخله يستمتع الآن برؤية منطقة مصر الجديدة كلها من أعلى الربوة المبني فوقها القصر.
كما يضم الكثير من الخرائط لأحياء المطرية وعين شمس ومصر الجديدة وتاريخها والكثير من الأحداث التي مرت بتلك المنطقة سواء في العهد الملكي أو بعد الثورة.
حقيقة القصر يستحق الزيارة بالفعل خصوصا بعد تجديده، فهل تجرؤ على الذهاب إلى هناك؟